السبت، 5 مايو 2012

آداب تلاوة القرءان الكريم الباطنية






آداب تلاوة القرءان الكريم الباطنية

أسند أبو بكر الأنباري عن أبي أمامة الحمصي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ « من قرأ ثلث القرءان أعطى ثلث النبوة ،و من قرأ نصفه أعطى نصف النبوة، و من قرأ ثلثاه أعطى ثلث النبوة ،و من قرأ القرءان كله أعطى النبوة كلها ،و يقال له يوم القيامة إقرأ، وارقة بكل آية درجة، حتى ينجز ما معه من القرءان، فيقال له اقبض، فيقبض، فيقال له هل تدري ما في يديك ؟ فإذا في يده اليمنى الخلد، و في الأخرى النعيم ‏» ( شعب الإيمان للبيهقي ) ومعنى العطاء هنا‏: العمل بما ورد في القرءان، فعن الحسن قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ « من أخذ ثلث القرءان وعمل به فقد أخذ أمر ثلث النبوة، ومن أخذ نصف القرءان وعمل به فقد أخذ أمر نصف النبوة، ومن أخذ القرءان كله فعمل به فقد أخذ النبوة كلها »( شعب الإيمان للبيهقي).‏

فالأعمال الباطنية التي ينبغي أن تصاحب التلاوة :

*أولها‏: ::: فهم عظمة الكلام ،وعلوه ،وفضل الله عز وجل ،ولطفه بخلقه بإنزال القرءان الكريم ،وأنه قد سمح لنا أن نتلو كلامه القديم،‏‏ وأن نفهم معناه رحمة بنا، وهداية للمتقين.‏

*ثانيها‏:‏ تعظيم شأن المتكلم‏ ،فلابد للقارئ عند بداية التلاوة أن يستحضر في قلبه عظمة المتكلم سبحانه وتعالى ،ويعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر‏,‏ وأن الأمر جد لا هزل فيه‏.

*ثالثها‏:‏ حضور القلب، ومحاولة ترك حديث النفس‏ ،وقد قيل في تفسير قوله تعالى‏: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ [مريم‏:12]‏ أي بجد‏ اجتهاد‏ ،وأخذه بالجد‏ أن: يكون متجردًا له عند قراءته ،ومنصرف الهمة إليه عن غيره.‏

*ورابعها‏:‏ التدبر، ولو احتاج إلى أن يكرر الآية وأن يقف عندها لأجل التدبر فعليه أن يفعل ذلك‏.

*خامسها‏:‏ التفهم :وهو أن يستوضح من كل آية ما يليق بها،‏ إذ القرءان يشتمل على ذكر صفات الله عز وجل ،وذكر أفعاله ،وذكر هدي الأنبياء، وذكر أحوال الأمم، وذكر يوم القيامة ،وذكر الجنة والنار، وذكر التكليف، وذكر الطاعات والمعاصي، والأوامر والزواجر‏، فلابد على القارئ أن يكون حريصًا على طلب ذلك الفهم،‏ وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول‏:‏« من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرءان » ،ومعنى تثوير القرءان‏:‏ أن يقرأه بتدبر‏ ،وهذا التدبر يجعل الإنسان عارفًا بنفسه، ومن عرف نفسه عرف ربه‏( )، وكلما تدبر الإنسان في القرءان استخرج منه معاني وعجائب لا تنتهي، قال تعالى‏: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا‏﴾ [الكهف‏:109]‏ وكان علي رضي الله عنه يقول‏:«‏ لو شئت لأوقرت سبعين بعيرًا من تفسير فاتحة الكتاب».‏

*سادسها‏:‏ التخلي عن موانع الفهم، فإن أكثر الناس منعوا عن فهم معاني القرءان لأسباب أسدلها الشيطان على قلوبهم، فحجبت عنهم أسرار القرءان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الإسراء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه‏: «هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السموات والأرض‏، ولولا ذلك لرأوا العجائب»(مسند أحمد)‏

- ومن أسباب عدم الفهم ‏:

‏1- أن يكون الهم منصرفًا إلى تحقيق الحروف ،وإخراجها من مخارجها، فينشغل الذهن بهذا عن التدبر‏.
2- التعصب لرأى سمعه من غير تحقق لبصيرة أو مشاهدة‏ .
3- الإصرار على الذنوب ،والتكبر، والطمع في الدنيا، وإتباع الهوى،‏ فكل ذلك يحرم الإنسان من فهم القرءان ،و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ «إذا عظمت أمتي الدنيا نزعت منها هيبة الإسلام،‏ وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي» (نوادر الأصول للحكيم الترمذي)، قال الفضيل بن عياض‏:‏: يعني حرموا فهم القرءان‏.‏

*سابعها‏: هو أن يوقن أن خطاب القرءان إنما هو موجه إليه،‏ فإذا مر بأمر أو نهي قدر أنه هو المنهي وأنه هو المأمور،‏ وإذا مر بقصص لم يأخذها على أنها حكاية لتاريخ مضى بل يأخذها على أنها هداية لمستقبل آت،‏ وهذا يفتقده كثير من الناس حتى خفيت المعاني‏.

*ثامنها‏:‏ التأثر‏: وهو أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات، فيكون له بحسب كل فهم حال، ووجد يتصف به قلبه من الحزن، أو الخوف، أو الرجاء، ونحو ذلك‏.

*تاسعها‏:‏ الترقي‏: وهو استحضار رب العالمين ،وأنه وكأنه يقرأه بين يدي الله فإنه كما قيل‏: إن الله تعالى تجلى لخلقه في كلامه ،ولكنهم لا يبصرون‏، وكان عثمان يقول‏: « لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرءان»‏‏ ( )، وكان ثابت البناني يقول‏: «كابدت القرءان عشرين سنة، وتنعمت به عشرين سنة،‏‏ وذلك حقيقة الترقي»‏ (. ).‏

*عاشرها‏:‏ التبري‏: وهو أن يتبرأ القارئ من حوله، وقوته، والالتفات إلى نفسه بعين الرضا والتزكية‏، فإذا تلا آيات الوعد والمدح للصالحين فلا يشهد نفسه عند ذلك بل يتشوف إلى أن يلحقه الله بهم‏ ،وإذا تلا آيات ذم العصاة والمقصرين خاف على نفسه‏ وقدر أنه مخاطب إشفاقًا ورحمة‏ ،وقد قيل ليوسف بن أسباط‏( ):‏ إذا قرأت القرءان بماذا تدعو؟ فقال‏:‏ أستغفر الله من تقصيري سبعين مرة.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق